فصل: 2- كفارة قتل الخطأ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.2- كفارة قتل الخطأ:

بأن يقتل مؤمناً خطأً، فيجب عليه أن يعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [92]} [النساء:92].

.3- كفارة الظهار:

كأن يقول الزوج لزوجته: أنت علي كظهر أمي يريد تحريمها، فيجب عليه قبل أن يمس زوجته عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [3] فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [4]} [المجادلة:3، 4].

.4- كفارة اليمين:

بأن يحلف المسلم على شيء فيحنث فيه، فيجب عليه على التخيير:
عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم.
فإن لم يجد شيئاً من ذلك فيجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [89]} [المائدة:89].

.5- كفارة جزاء الصيد:

بأن يقتل المحرم بالحج أو العمرة صيداً برياً، فيجب عليه أن يقوِّمه بدراهم، ويطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن طعام كل مسكين يوماً.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [95]} [المائدة:95].

.الأشياء التي لا ينقطع بها تتابع الصيام:

من وجب عليه صيام شهرين متتابعين فإنه لا يقطع التتابع ما يلي:
العيدان، والسفر المبيح للفطر، والمرض المبيح للفطر، والحيض، والنفاس.

.5- أحكام الصيام:

.ثبوت دخول رمضان:

يجب صيام رمضان إذا ثبت دخول الشهر.
ويثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين:
رؤية هلال رمضان.
فإذا شهد بدخول رمضان مسلم، عدل، قوي البصر، رجلاً كان أو امرأة فقد ثبت دخوله، ووجب صومه.
إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
فإذا لم ير الناس الهلال مع صحو السماء ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين، وكذا لو حال دون رؤيته غيم أو قتر فإنه لا يصام.
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُ} [البقرة:185].
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ». متفق عليه.

.أحكام رؤية الهلال:

الطريق إلى معرفة دخول الشهر هو رؤية الهلال بالبصر لا بالحساب الفلكي.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أمَّةٌ أمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاثِينَ. متفق عليه.
إذا رأى هلال رمضان جمع من المسلمين العدول وجب صومه، ويجوز الاكتفاء بخبر الواحد إن كان ثقة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الهِلاَلَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بصِيَامِهِ. أخرجه أبو داود.
إذا رأى هلال شوال اثنان من المسلمين العدول وجب الإفطار، ولا يقبل في خروج رمضان أقل من شاهدين.
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ زَيْد قَالَ: أَلاَ إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَسَاءَلْتُهُمْ، وَإِنَّهُمْ حَدَّثونِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لَهَا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثلاَثِينَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا». أخرجه أحمد والنسائي.
إذا صام الناس بشهادة واحدٍ ثلاثين يوماً فلم ير الهلال، لم يفطروا حتى يروا الهلال.
إذا صام الناس ثمانية وعشرين يوماً ثم رأوا هلال شوال فيجب عليهم أن يفطروا، ويصوموا يوماً بعد العيد قضاء؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقالَ: «لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». متفق عليه.
إذا رئي الهلال نهاراً فهو لليلة المقبلة، فإن غاب قبل الشمس فهو لليلة الماضية.

.حكم من رأى الهلال ورُدّ قوله:

من رأى من المسلمين الهلال وحده، ورُدَّ قوله فإنه يصوم سراً إذا رأى هلال رمضان، ويفطر سراً إذا رأى هلال شوال؛ لئلا يخالف الجماعة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا رَأيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأيْتُمُوهُ فَأفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». متفق عليه.

.حكم صوم يوم الشك:

يوم الشك: هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر ونحوهما مما يمنع الرؤية.
إذا تبين أن يوم الشك من رمضان، فمن صامه بنية أنه من رمضان فصومه صحيح، ومن صامه احتياطاً لرمضان مع صحو السماء فهو آثم، وصومه غير صحيح.
عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ أخرجه أبو داود والترمذي.
من أفطر يوم الشك ثم تبين في أثناء النهار أنه من رمضان وقد أكل وشرب فيجب عليه الإمساك بقية اليوم، ولا يلزمه القضاء؛ لأن النية تتبع العلم، والعلم لم يحصل إلا أثناء النهار، والله لم يكلف أحداً أن ينوي ما لم يعلم.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ: «أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ: أنَّ مَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». متفق عليه.

.حكم إعلان رؤية الهلال:

صيام رمضان من العبادات العامة العظمى، فيجب على إمام المسلمين إذا ثبتت لديه رؤية الهلال شرعاً أن يعلن للمسلمين دخول شهر رمضان وخروجه، بأوسع وسيلة مباحة، وأسرعها بلاغاً؛ ليتمكن المسلمون من فعل ما يجب، وما يسن، في وقت مبكر.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ: «أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ: أنَّ مَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». متفق عليه.

.اختلاف المطالع:

التوقيت اليومي يختلف من بلد إلى بلد، فإذا طلع الفجر في المشرق فلا يلزم أهل المغرب أن يمسكوا في نفس الوقت؛ لأن الليل قد يكون بدأ عندهم.
ولو غابت الشمس في المشرق فلا يجوز لأهل المغرب الفطر؛ لأنه عندهم قد يكون بدأ النهار، وهذا أمر معقول ومحسوس ومعلوم.
كما يختلف المسلمون في الإمساك والإفطار اليومي في كل بلد، فكذلك لابد أن يختلفوا في الإمساك والإفطار الشهري؛ لأنه لكل بلد رؤيتهم، ولا يلزم غيرهم الصوم معهم.
عَنْ كُرَيْبٍ أنَّهُ كَانَ فِيَ رَمَضَانِ بِالشَّامِ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ فَسَألَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَتَى رَأيْتُمُ الهِلالَ؟ فَقُلْتُ: رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: أنْتَ رَأيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ، أوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لا، هَكَذَا أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم.
إذا رؤي الهلال في بلد فإنه يجب الصوم على أهل البلاد التي لا تختلف مطالعها، وإذا اختلفت المطالع لم يجب.

.من يلزمه الصوم بالرؤية:

إذا رأى الهلال أهل بلد لزمهم الصوم، وحيث أن مطالع الهلال مختلفة، فلكل إقليم، أو قطر، أو بلد حكم يخصه في بدء الصيام ونهايته حسب رؤيتهم، وفي الإمساك والإفطار اليومي.

.حكم صوم جميع المسلمين برؤية واحدة:

يجوز أن يصوم المسلمون جميعاً في أقطار الأرض برؤية واحدة، ويفطرون برؤية واحدة، خاصة في هذا الزمان الذي يمكن فيه إبلاغ الخبر للعالم كله في أقل من دقيقة واحدة.
وهذا أمر حسن يدل على وحدة المسلمين، واجتماع كلمتهم، وإلى أن يتحقق ذلك إن شاء الله تعالى، فعلى كل مسلم في أنحاء الأرض أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم أهل البلد على أنفسهم فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها؛ حسماً لمادة الفرقة التي نهى الله عنها.
ليلة القدر واحدة لا تتعدد-ولو اختلفت المطالع-، فإذا كانت ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين في بلد، فهي ليلة القدر في العالم كله، ولو لم تكن ليلة سبع وعشرين.

.حكم من لم يعلم بدخول رمضان:

من لم يعلم بدخول رمضان فحكمه في وجوب الصوم من وقت علمه، فيمسك إن كان في النهار، ولا قضاء عليه.
من نام ليلة الثلاثين من شعبان وقال إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فصام، ثم تبين أنه أول يوم من رمضان، فصومه صحيح؛ لأن تردده في ثبوت الشهر، لا في نية الصيام.

.حكم نية الصيام:

الصيام مركب من ركنين: النية، والإمساك عن المفطرات.
فلو أمسك عن الطعام بلا نية الصيام فلا صيام له، وإذا نوى الإفطار أفطر ولو لم يأكل؛ لأنه سقط الركن الأول، الذي هو أساس الأعمال، وأعظم مقومات العبادة، وهو النية.
يجب على المسلم ليحصل على الأجر أن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً، لا رياء ولا سمعة، ولا تقليداً للناس، ولا متابعة لأهل بلده، بل يصوم لأن الله أمره، ويحتسب الأجر عند الله.
يجب على المسلم تعيين نية الصيام من الليل قبل طلوع الفجر للصوم الواجب كصوم رمضان؛ لأن الصوم عبادة لها بداية ونهاية، فلابد أن تسبقه النية.
السنة في صيام التطوع أن ينويه قبل الفجر، ويصح صوم التطوع بنية من النهار إن لم يفعل ما يفطِّر بعد طلوع الفجر.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟». فَقُلْنَا: لا، قال: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ». ثُمَّ أتَانَا يَوْماً آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: «أرِينِيهِ، فَلَقَدْ أصْبَحْتُ صَائِماً». فَأكَلَ. أخرجه مسلم.
من نوى الصوم ثم تسحر وغلبه النوم، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس، فصومه صحيح ولا قضاء عليه.

.حكم صوم رمضان بنية من النهار:

يجب صوم رمضان بنية من الليل، ويصح صومه بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما لو قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار، فإنه يمسك بقية يومه ولا يلزمه القضاء وإن كان قد أكل؛ لأن الأحكام الشرعية لا تلزم إلا بعد العلم بها، والتمكن من العمل بها.
من وجب عليه الصوم نهاراً كالمجنون يفيق، والصبي يبلغ، والكافر يسلم، هؤلاء تُجزيهم النية من النهار حين الوجوب، ولو بعد أن أكلوا وشربوا، ولا قضاء عليهم.


.حكم صوم المجنون:

المجنون ليس من المكلفين، فلا تجب عليه عبادة.
وإذا جُن المسلم جميع النهار في رمضان من قبل الفجر أو بعد الفجر إلى غروب الشمس، فلا يصح صومه، ولا يلزمه القضاء؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة.

.حكم صوم المغمى عليه:

من نوى الصوم، ثم صام فأغمي عليه جميع النهار أو بعضه فصومه صحيح إن شاء الله.
من فقد شعوره بإغماء، أو مرض، أو جنون، ثم أفاق، فلا يلزمه قضاء الصوم والصلاة؛ لارتفاع التكليف عنه.
من فقد شعوره بفعله واختياره بسكر ونحوه ثم أفاق فعليه التوبة والاستغفار، ويلزمه قضاء ما تركه من صوم وصلاة.

.حكم صوم النائم:

إذا تسحر المسلم ثم نام ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس:
فإن كان معذوراً فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
وإن كان غير معذور فصومه صحيح، لكنه آثم بالنوم عن الصلوات المفروضة.. وتعطيل وقت الطاعة والعمل.. والإسراف في النوم.
فعليه التوبة والاستغفار، وقضاء ما فاته من الصلوات.

.حكم صوم الصبي:

العبادات لا تجب إلا على البالغ العاقل، لكن ينبغي لولي أمر الصغير أن يأمره بالصيام، ويرغبه فيه، ليعتاد عليه من الصغر ما دام مستطيعاً له.
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالتْ: أرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأنْصار: «مَنْ أصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أصْبَحَ صَائِماً فَليَصُمْ». قالتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإفْطَار. متفق عليه.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ». أخرجه أبو داود والترمذي.

.حكم صوم رمضان بنية واحدة:

صوم رمضان عبادة واحدة مستقلة مركبة من أجزاء وهي الأيام، كالصلاة عبادة مستقلة مركبة من أركان وهي القيام والركوع والسجود وغيرها، فيجوز صوم رمضان بنية واحدة في أول الشهر، وكذا كل صيام متتابع كصوم كفارة الجماع في نهار رمضان، وكفارة الظهار وقتل الخطأ ونحوها، ما لم يقطعه بسفر أو مرض، أو يصيب المرأة حيض أو نفاس، فيلزم حينئذ استئناف النية.
يجب تعيين نية الصوم من واجب أو تطوع، فينوي ما يصوم له من أداء رمضان أو قضائه أو نذر أو كفارة أو تطوع.
عَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوْ إلَى امْرَأةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ». متفق عليه.

.حكم من صام في بلد ثم سافر:

إذا صام المسلم في بلد ثم سافر إلى بلد آخر فحكمه في الصيام والإفطار حكم البلد الذي انتقل إليه، فيفطر معهم إذا أفطروا.
وإن أفطر معهم لأقل من تسعة وعشرين يوماً قضى يوماً بعد العيد، ولو صام معهم أكثر من ثلاثين يوماً فلا يفطر إلا معهم.

.حكم من صام أو أفطر خطأً:

إذا أذن المؤذن قبل الوقت، ثم أفطر بعض المسلمين بأذانه، فعليهم قضاء ذلك اليوم، وهكذا لو تأخر المؤذن فلم يؤذن إلا بعد وقت طويل من طلوع الفجر، فأمسكوا بأذانه، فعليهم قضاء ذلك اليوم؛ لأن الله عز وجل حد حدوداً، وجعل لكل عبادة بداية ونهاية، وأوجب على المسلم أن يصوم يوماً كاملاً من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وحق الله يجب ضمانه.
وهذا الخطأ يُسقط الإثم، ولكنه لا يُسقط الحق، فالحق ثابت، ودَيْن الله أحق أن يُقضى.
إذا صام المسلمون وحال دون الشمس غيم أو قتر فأفطروا ثم طلعت الشمس، أمسكوا إلى الغروب، وصومهم صحيح، ولا قضاء عليهم.
عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَتْ: أفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. أخرجه البخاري.